
حين يغادر الحجيج وتبقى الأرواح معلّقة بمنى
إشراقة رؤية ^ فاطمة عبدالله
الثلاثاء 10 يونيو 2025 م / 14 ذو الحجة 1446 هـ
في صمت تخلله الدعاء والدموع، ودّع مشعر منى قوافل الحجيج بعد أن أدّوا مناسكهم في أعظم أيام الله. خفتت الأصوات، وهدأت الحركة، لكن الأرواح ما زالت معلقة بتلك اللحظات الإيمانية التي لا تُنسى. رحل
الحجاج، لكن بقيت في منى آثارهم، وذكريات لا تمحوها الأيام.
غادرت جموع الحجاج مشعر منى بعد أن أدّوا نسك رمي الجمرات، ومكثوا أيام التشريق في طاعة وذكر ودعاء. المشهد كان مؤثرًا؛ خيام بدأت تُطوى، وطرقات هدأت خطواتها، وأصوات التكبير بدأت تخفت، تاركة خلفها أثرًا روحيًا لا يُقدّر بثمن.
بعض الحجاج لم يتمالكوا دموعهم وهم يلقون نظرة الوداع على هذا المشعر الذي شهد أيامًا عظيمة من العبادة والتجرد والتقرب إلى الله. وقد ودّعوا منى بقلوبٍ مفعمة بالامتنان، وآمال بأن يعودوا إليها مجددًا في قادم السنوات.
بينما يغادر الحجاج، تواصل الجهات العاملة في المشاعر جهودها على مدار الساعة لإعادة ترتيب المواقع وتنظيفها وضمان سلامة البيئة، حيث تم تسخير فرق متخصصة ومعدات حديثة للتعامل مع المخلفات بطرق صديقة للبيئة، ضمن خطة متكاملة تهدف للحفاظ على صورة المشاعر المقدسة مشرقة كما عهدها العالم.
وشهدت الأيام التي قضاها الحجاج في منى تنظيمًا محكمًا شاركت فيه كافة الجهات الأمنية، والصحية، والخدمية، بتكامل لافت ساعد على انسيابية الحركة، وتيسير أداء المناسك في أجواء من الطمأنينة والسكينة.
منى ليست مجرد مكان، بل هي محطة روحية تستقر في أعماق الحجاج، حيث اجتمع فيها المسلمون من كل بقاع الأرض، على قلب رجل واحد، بلباس الإحرام، وهدف واحد. هنا تساوى الجميع، وتلاقوا على كلمة التوحيد، وتبادلوا القصص والدعوات والماء والابتسامة.
الذكريات التي صنعها الحجاج في منى ستظل تضيء قلوبهم، وسترافقهم حين يعودون إلى أوطانهم. فهي أيام لا تُنسى، ومواقف تغذي الروح وتحيي الإيمان.
ختاماً رحل الحجيج من منى، ولكن أرواحهم تركت أثرًا لا يُمحى، ومشاعر صادقة تشهد على عظمة هذا الركن الخامس من أركان الإسلام. في منى، خُتمت رحلة عظيمة، وتجلت فيها وحدة الأمة، وعظمة الإسلام، وكرم الضيافة السعودية. ومع نهاية هذه المرحلة من الحج، تبدأ مرحلة جديدة من الذكريات، والدعوات، والشوق إلى العودة في مواسم قادمة.