
نحو تعدين أخضر: الابتكارات البيئية وتقنيات التخلص من السيانيد
د. مازن إسماعيل محمد
في ظل التحديات البيئية والاقتصادية المتزايدة، أصبح الاعتماد على التعدين الأخضر والتخلص الآمن من السيانيد أمراً ضرورياً لتحقيق مستقبل مستدام. التعدين الأخضر يمثل نهجاً يهدف إلى تقليل التأثيرات البيئية السلبية الناتجة عن عمليات التعدين التقليدية، من خلال استخدام تقنيات وممارسات صديقة للبيئة. على الجانب الآخر، التخلص الآمن من السيانيد يعد خطوة أساسية للحفاظ على البيئة وصحة البشر. يتضمن التعدين الأخضر استخدام الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح لتشغيل معدات التعدين، مما يقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري ويخفض الانبعاثات الكربونية. بالإضافة إلى ذلك، تشمل هذه الممارسات إعادة تأهيل الأراضي المتضررة بعد انتهاء عمليات التعدين، من خلال زراعة الأشجار والنباتات وإعادة بناء الموائل الطبيعية. كما يتم تقليل استخدام المياه وإعادة تدويرها، ومعالجة المياه الملوثة بطرق آمنة، واستخدام تقنيات متقدمة لتقليل انبعاثات الغازات الضارة.
مشروع Boron في كاليفورنيا، الولايات المتحدة، يعد مثالًا على استخدام الطاقة الشمسية لتشغيل عمليات التعدين. يتم تشغيل معمل Boron بواسطة شركة ريو تينتو، ويعتمد على الطاقة المتجددة لتشغيل عمليات التعدين. هذا المنجم يستخدم تقنيات حديثة للحد من الانبعاثات الكربونية وحماية البيئة المحلية. مشروع الكهرباء الشمسية في بورون، كاليفورنيا، يعمل مشروع Aratina الشمسي على توفير الكهرباء النظيفة لأكثر من 180,000 منزل، ويتميز بمساحة معشبة بأنظمة البطارية التي تعمل بكفاءة تصل إلى 530 ميجاوات أساهم. مشروع Kittilä في فنلندا يُعَد منجم كويتيلا في فنلندا أحد أكبر مناجم الذهب في أوروبا، ويتم تشغيله باستخدام الكهرباء المولدة من مصادر نظيفة مثل الطاقة النووية والرياح. يستخدم المنجم تقنيات حديثة لمعالجة المياه الملوثة وتقليل استهلاكها، بالإضافة إلى برامج إعادة تأهيل البيئة المحيطة بعد انتهاء عمليات التعدين لضمان استدامة الموارد الطبيعية. السيانيد هو مادة كيميائية تُستخدم في استخراج الذهب من الخامات، ولكنه يمكن أن يكون خطيرًا جدًا على البيئة والصحة العامة. لتحقيق التعدين الأخضر، من الضروري اتخاذ إجراءات للتخلص من السيانيد بطرق آمنة وفعّالة. تشمل هذه الإجراءات استبدال السيانيد ببدائل آمنة تكون أقل سمية وأقل تأثيرًا على البيئة، مثل استخدام ثيوسلفات الصوديوم في عمليات الاستخراج. يمكن استخدام تقنيات معالجة متقدمة لتفكيك السيانيد وتحويله إلى مركبات غير ضارة قبل التخلص منه، مثل عملية التحلل البيولوجي باستخدام الكائنات الدقيقة. من المهم أيضًا إجراء مراقبة دائمة لمواقع التعدين لضمان عدم تسرب السيانيد إلى المياه الجوفية أو المحيطة، مثل استخدام أجهزة استشعار متطورة لمراقبة تركيز السيانيد في المياه. يجب أيضًا تدريب العاملين في مجال التعدين على أفضل الممارسات للتعامل مع السيانيد والتخلص منه بشكل آمن، مما يقلل من مخاطر التلوث العرضي.
في الختام، يمكن أن يحقق الجمع بين التعدين الأخضر والتخلص الآمن من السيانيد توازناً بين استخراج الموارد الطبيعية وحماية البيئة. من خلال تبني التقنيات والممارسات الحديثة، يمكن للصناعات التعدينية تحقيق استدامة أكبر وتقليل الأثر البيئي، مما يساهم في بناء مستقبل أفضل وأكثر اخضراراً للأجيال القادمة.