
من فضلات إلى وقود: كيف تعيد اليوريا تشكيل مستقبل الطاقة الهيدروجينية؟
د. مازن إسماعيل محمد
في ظل السعي العالمي نحو مصادر طاقة أكثر استدامة وأقل اعتمادًا على الوقود الأحفوري، يبرز إنتاج الهيدروجين من اليوريا كخيار مبتكر وواعد. توفر هذه التقنية إمكانية إنتاج الهيدروجين بكفاءة عالية وباستهلاك مائي منخفض، مما يجعلها مناسبة خصوصًا للمناطق الشحيحة بالمياه. وبينما تواجه التقنية تحديات على المستويات التقنية والبيئية والاقتصادية، فإن التطورات في مجالات التحفيز والتخزين والتنظيم البيئي تشير إلى إمكانات كبيرة لإدماجها ضمن منظومة الطاقة النظيفة. يستعرض هذا المقال الجوانب الأساسية للتقنية، ويُقيّم فرصها ومخاطرها على طريق التحول الطاقي العالمي.
يمثل إنتاج الهيدروجين من اليوريا إحدى أكثر التقنيات ابتكارًا في مشهد الطاقة النظيفة، حيث يتيح هذا النهج استخراج الهيدروجين من مصدر غير تقليدي بفعالية عالية، مع تقليل استهلاك المياه مقارنةً بعمليات التحليل الكهربائي التقليدية. ويكتسب هذا الحل أهمية متزايدة في المناطق التي تعاني من شح الموارد المائية، كما يفتح المجال لخيارات جديدة في تخزين الطاقة وتقليل تكاليفها التشغيلية.
تعتمد العملية على أكسدة اليوريا كهربائيًا، وهي طريقة أقل استهلاكًا للطاقة من تحليل الماء نظرًا لانخفاض جهد التفكك المطلوب. وتُعد أكاسيد النيكل والكوبالت من أبرز المحفزات المستخدمة حاليًا، إذ تُظهر كفاءة جيدة واستقرارًا نسبيًا، إلا أن السعي لا يزال قائمًا لتطوير محفزات أكثر نشاطًا واستدامةً وذات تكلفة منخفضة، بما يُعزز الجاذبية الاقتصادية لهذه التقنية.
يطرح استخدام الهيدروجين تحديات لوجستية مرتبطة بطرق التخزين والنقل، سواء في صورة مضغوطة أو سائلة أو على هيئة مركبات كيميائية مثل الهيدريدات المعدنية. ويتطلب اختيار الطريقة المثلى موازنة بين الكفاءة الطاقية، والسلامة، والتكلفة، والتأثير البيئي. لذا فإن التقدم في هذه الجوانب يُعد شرطًا أساسيًا لدمج هذه التكنولوجيا ضمن البنية التحتية للطاقة.
رغم كون اليوريا مركبًا آمنًا نسبيًا، إلا أن مصدرها—خاصة إن استُخلصت من مياه الصرف الصحي أو الزراعية—قد يثير مخاوف بيئية تتعلق بإطلاق النيتروجين إلى الأنظمة المائية، مما قد يسهم في التخثث وتفاقم أزمات تلوث المياه. ويستدعي هذا الأمر تطوير آليات مراقبة ومعالجة دقيقة للحد من الأثر البيئي المحتمل.
يتطلب التحول من النطاق المخبري إلى التطبيق التجاري استثمارات كبيرة في البحث والتطوير، إلى جانب إطار تنظيمي مرن ومشجع للتعاون بين الأطراف المعنية. كما يمكن لهذه التقنية أن تسهم في خلق فرص اقتصادية جديدة، خصوصًا في المجتمعات الزراعية أو الصناعية التي تنتج كميات كبيرة من النفايات الغنية باليوريا.