“ميرفت سمرقندي” تكتب.. ( و تزوجت أمي )

تلك أم وهبت حياتها ووقتها لذلك الطفل البريء ، كانت الأم والأب والصديق ولازالت تعطي من حبها وحنانها ووقتها لصغيرها .
تتحدث وتخرج وتأكل وتمرح معه وحده ، وينام في كنفها بين أحضانها ليلاً ، ويستيقظ على وجهها البشوش صباحاً ليضع قبلة على جبينها ..
يشير ذلك الطفل على أي لعبة فتأتي بها أمه بفرحٍ وحب ، لو طلب منها ماطلب يأتيه من غير تردد أو تفكير ، يسافر معها ويجول بلاد كثيرة ويتمتع بحبها وحب من حوله .
مرح و جميل ، يضحك ويلعب ويعيش كباقي الأطفال … لايتحدث ذلك الطفل كثيراً ، كتوم جداً حتى في مشاعره ، اذا نظرت داخل عينيه لاتعرف ماذا يجول بباله ..!
التحق بالمدرسة وأنهى الصف الإبتدائي ، ثم المتوسط ، والأن بدأت أول خطوات الرجولة في الثانوية .
ظن ذلك الصغير أن هذه الحياة دائمة مع أمه الصغيرة وأنها لن تفارقه يوماً ، لم يخطر بباله يوماً أنها من الممكن جداً أن.. تتزوج .. وتبدأ حياة جديدة معه ومع شريك حياتها ، بالرغم من أنها لمّحت له مِراراً وتكراراً أنه لو كتب لها الله ستتزوج ولن تتركه ، وبالفعل كان أول شرط من شروط عقد قرانها أن يكون ابنها معها ، ووافق الطرف الآخر بكل رحابة صدر ، واعتبره صديقاً له ..
في بداية أيام الزواج بقي الطفل في بيت جده وجدته وأخواله وخالته التي كانت أخته وصديقته التي تتقاسم معه الضحكات المجنونة ، وعشاء آخر الليل ، والعبث ، وهمزات ولمزات من هنا وهناك لايفهمها سواهما .. ثم مالبث فترة وانتقل إلى بيته الجديد عند أمه وزوجها .
هذه المرة لم تكن الأم وحدها ، بل هناك شريك في حبه ، شخص آخر يشاركه حبها واهتمامها .. زوجها واطفاله الصغار .
يوم يمر وآخر يلحقه ومازالت الأمور على أحسن حال ، والهدوء والسعادة تحفهم من كل جانب والحمد لله ..
إلى أن جاء ذلك اليوم الذي يقول فيه الصبي لأمه : هل تريدين الإنجاب ؟!
ماهذه الحياة ؟؟!
هذا الوضع لايناسبني ولايعجبني ….. و و و و
صُدمت الأم لأول مرة ، ماذا حصل !! لماذا يقول هذا الكلام ؟! هل صدر شيء منها أم من زوجها ؟! من تجرأ على مضايقة صغيرها المدلل ؟!! تسأله ويجيب : لاشيء ..
تنظر في وجهه ولاتفهم !!
تحتار قائلة ماذا أفعل ؟!
لم يحدث شيء يافاتنة الملامح سوى أنه يشعر بأنك تقاسمتِ حبه مع أشخاص آخرين ، أخذوا من وقته الذي كان له وحده فقط .
ذلك اليوم المخصص للخروج معه وحده لم يعُد له ، أصبح الجميع معكِ ،أصبحتِ محور اهتمام الجميع غيره .
احساسه بأنكِ لم تعودي له وحده .. وحده .. وحده ..
الكل يعتمد عليكِ ، والكل يريدكِ بجانبه ، جميعهم يلجؤن إليكِ وهو ينظر وربما يشعر بأن هذه الأم لم تعد لي أنا ،سوف يأخذوها مني ..
رُبما الغيرة ، رُبما حب التملك ، رُبما موقف صغير لم تعيري له انتباه ، رُبما كلمة صدرت من أحدهم لم يُخبرك بها ، رُبما كنتِ حزينة يوماً ونظر إليك وقال في نفسه من الذي أحزن ملكتي وأغضبها ؟! وثارت مشاعره .. رُبما .. ورُبما …..
لاتحزني يافاتنة الملامح فقط عودي إلى ماكنتِ عليه معه ، خصصي له يوماً للخروج بمفردكما ، أعيدي أياماً كنتِ تنامين بجانبه وتتبادلان أحاديث كثيرة ، أسكني ليله واملئي نهاره .. وازرعي الطمأنينة داخله ، أعيدي بعض الأوقات التي اعتادها فهو لم يعتد هذه الحياة بعد مع شركاء ، أشعريه بأنه الأول ..
هو مازال صغيراً لم يكبر بعد .
لاتهدمي عُشك الجديد السعيد من موقف عابر بإذن الله ..
أنتِ أم صالحة وقوية جداً ، وهذه الرياح ستمر ..