مساحة حرةمقالات

مكرمة الاستسلام

بقلم 🖋: وصايف القحطاني

منذ اللحظة التي يترجم فيها الشعور إلى كلمات ذات نسق ووزن ومعنى؛ أفقد الشعور بها فورا فيصعب علي التعرف على كلماتي في اللقاء الأول؛ ينساق الألم داخل الأحرف حتى تمتلئ في عين القارئ؛ حينها يتخوف داخلي من جديد، فالمعنى ولد متألما ثم درج للأسطر
غريبا حتى انفصل عني؛ وعلي نفس السياق عندما يتفجر لساني يهجو ذات الألم لرفيق ليس بالضرورة أنه قدم المواساة الكافية لنزعه، فالمواساة ذاتها تنبع في اتساع الخطاب بيننا فأتخفف مضي؛ وهنا تكمن قوة العقل واللسان كيفما يترجما مخاض النفس المعقدة في أحزانها وأتراحها وكيف يتشكل أثر جديد يسكن الإنسان، من هنا أتساءل دوما هل المعاناة جزء من فلسفة العيش الحتمية، أم أنها أداه يسعى لها الإنسان ليؤكد هشاشة النفس البشرية أمام قوة غير ملموسة.
فالألم قوة أيا كان إحساس هذه الحالة، فالطاقة التي تفكك الإنسان وتهدره فهي طاقة لا يستهان بها، ولذلك كنت ولا زالت من أنصار- أن يكفلك الحزن حتى يطلق سراحك- أن أعيش المرارة حتى تخدر كبدي من الشجن وألا أقيم طويلا حتى يلين عظمي ، أن أبادر وأصافح الألم مبكرا حتى أغادر كضيف تناول ما يمكن تناوله.
من هنا انطلقت فكرتي للتصالح والسلم مع الألم التي تؤكد ضمان استمرارية المواصلة الصحية وإن كانت ليست في تمام العافية!
فوجود الخطابات التحفيزية لنقض ومكافحة الاستسلام والمبالغة في المقاومة هي في حد ذاتها احتراق نفسي يتكالب على الألم عُقد هي في حد ذاتها ألم مركب يحمل التثبيط والبطولة معا!
لا أستطيع إنكارا أنني أملك قلبا واحد ملاينته وملاطفته ومسايرته كفيله بعيش يطيب لك أو يكدر بك.
فلحظه انفصال الألم عنك لحظة حميمية تجمع بين المسرة والحرية الجامحة المتلهفة للحياة، لا بأس أنها مسألة وقت لأنه ستوطنك حتى يغلبك الظن أنك لن تبرؤا منه ويرحل عنك حتى تغفل أنه ضريبة لا يمكن الهروب من دفعها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى