قبل تسعة عشر سنة

فاطمة العامري_مكة المكرمة
ذاك المبنى القديم تحيط به أشجار النيم القديمة
وذاك الباب العتيق الذي يدل على كثرة طارقيه يتوسطه،
عند دلوفك مع الباب تعرف حينها من هم ساكنيه، يقابلك كرسي قديم بجانبه زير أقدم مليئ بالماء الحي المبخر ، بجانبه ريحانة صغيرة ريانة العود قد أستقت كثيراً من قطرات الماء فزانت. راديو صغير يبث إذاعة مكة المكرمة بصوت عبدالملك عبدالرحيم .
رائحة مختلفة تعج في المكان لا تشبه تلك الروائح التي عهدتها أنوفنا ، بدأت الذاكرة هنا تبحث عنها، القلب يخفق بسرعة ، هناك شيء مميز ، ليس بغريب ولكن قد فُقد منذ زمن ، أسئلة مملة ومكررة ماهو؟!
أنها رائحة رمضان قبل تسعة عشر سنة .
تكمن في رائحة خبز التنور اليماني الصنع منذ أول دخول المساء ، وفي أصوات الجيران ونساء الجيران والأطفال، وحتى الشارع في ذاك العهد يختلف هناك بائع الحلوى المتجول ينادي بأشهى ماعنده، بائع ساعات الحيط الشهير الذي يجلب بضاعته من الهند ينافس بائع الأواني في طرف الشارع، بائع الثلج في الثلاجات التي تعمل على الغاز يصيح ماء بارد ماء بارد.
كل شيء مختلف ليس بالأبيض والأسود كما يعتقد الجيل الحالي ، بل هي اللوان الحياة في ذاك العهد ورائحة أيام رمضان الزكية البسيطة التي لا مغالاة فيها.