فاطمة العامري تكتب: غرغرة في بطن جائع

تتوسع المجتمعات وتكبر ويكثر فيها الأفراد، وتتباين الفروقات الطبقية بين أفراد المجتمع ما بين غني عزيز وفقير مدقع. غالبًا ما نسمع صوت الغني يتغنى بما عنده من أموال وأملاك، وحتى نسمع أصوات الناس تنشد وتتحدت بما عنده وبما قدمه. إما ابتاع أرضًا بالملايين أو أنشأ مؤسسة فخمة لا تليق إلا بالوجهاء فقط، ويكون له الحظ الأوفر في كل شيء.
بعكس المعتر البائس الفقير الكادح المهمش في هذه الحياة لا حظ له أبدًا ولم يقف الحظ يومًا بجانبه. لا صوت يسمعه غير صوت غرغرة بطون أطفاله الجياع التي لا تشبع، فقوته اليومي لا يكفيهم. وهنا يقف حائر الفكر وتلفه الأسئلة من كل جانب، إلى أين يتجه وأي باب يطرق؟ ولكنه علم وأيقن أن لا باب سيفتح له ولا يد ستعطيه، إلا باب الله عز وجل.
وجَّه هذا الفقير يداه وعيناه لباب السماء وتمتم بدعوات لعلها مستجابة عند الغني الذي لا ترد عنده الدعوات مهما تأخرت في الاستجابة وهو الله سبحانه وتعالى. لا تحزن أيها العبد الفقير ففقرك لا يعيبك ولا ينقص من ذاتك شيئًا. نحن الناقصون ونحن البائسون ونحن من أصبنا بالعمى والصمم عن دعواتك وعن حديثك وعن بؤسك.
فنحن يا سيدي الفقير لا نسمع إلا صوت الغني، وأصوات ملاعقه في أطباقه الفضية. عفوًا منك سيدي الفقير اعذرنا وتقبل عذرنا القبيح. وتأكد أيها الفقير أن الله سيستجيب لك دعاءك.
وأنت أيها الغني التفت لمن هم حولك من المعترين الفقراء، تلمس حاجتهم، تصدق عليهم فصدقتك تطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء، ولعل دعوة من أحدهم قد تطيل في عمرك وعمر أطفالك وقد تشفي لك مريضًا عاجزًا مقعدًا. فما أمر الله بالصدقات إلا لحكمة بالغة من عنده سبحانه.