عائشة الكعبي تكتب: وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ

بقلم: عائشة الكعبي
زمن زُهد فيه بالصداقة والأصدقاء، وقل فيه الوفاء والأوفياء، أصبحنا أكثر انفتاحًا فـانهالت علينا الرسائل في كل مواقع التواصل تندد بالذاتية، كما لو أنها موضة العصر -أنا الأنانية-، وقطع العلاقات بات أسهل الأمور على الإطلاق متحججين براحة البال كما ندعي.
ما عاد الصديق يحمل المعنى الذي رددوه العرب دهرًا “قل لي من صديقك، أقل لك من أنت”. نُرخي الأيادي عند أكثر المشاكل تفاهة، ننسى الأيام المريرة التي تقسامنا مرارة ألمها، ننسى كل المواقف التي حولنا دموع الحزن فيها لدموع فرح؛ فقط لأننا نريد الاحتفاظ بذكرى آخر موقف سيء بيننا.
انتشرت ثقافة التخلي وطُبقت بأكثر المعايير سوءًا، الكثير من الأعذار التي هي بالفعل أقبح من ذنب، الكسل، السلبية، والاتكالية، طالما أنه صديقك من المشين جدًا أن تتركه بعد كل الذي حدث، قدر معنى الصداقة أولًا، ولا تطلقها على من ليس جديرًا بها، وثانيًا أيًا كانت الدرجة من السوء التي وصل إليها هذا الصديق، إن كنت صديقًا بحق ستنتشله من عتمة ظلماته إلى النور، ستجره من تسويفه وكسله إلى الإنجاز.
ما خلق الإنسان ليكون منعزلًا بذاته، تقدير الذات من أوائل الواجبات على النفس، لكن تقديرها بحق بما يليق بها، ذواتنا تستحق أن تحظى بمن يكون لها سند الدنيا و الآخرة لها. تستحق أن نغفر، أن نضع معادلة عادلة، ألا نبيع أصدقاء سنوات طويلة مقابل أيام سيئة.
تشبثوا بأصدقائكم ما دامت الفرصة سانحة فغدًا لا ينفع قول: “ولا صديق حميم”.