صالحة الزبيدي تكتب: دمعٌ على الخدين مدرارا

بقلم: صالحة الزبيدي
تنبيه .. قبل أن تبدأ القراءة احذر
فحروفي قد تؤلم قلبك؛ لأن مداد الأحرف خرج من القلب مباشرة ورافقته دموع العين.
منذ أن أبصرت عيناي الدنيا أبصرتك، أراك في كل حين، في وجوه العابرين، يا أجمل تفاصيل الحنين، أراك حتى وإن غادرتنا، فأنت هنا مستوطن في داخل القلب، أراك في أعين كل من حولي، رحلت روحك، ولا زالت ذكراك باقية عالقة في الذاكرة لا يمحوها الزمان، حياتك كانت قصيرة لم نكتفي بوجودك معنا، فقد رحلت باكراً، وكأنك تقول الطيبون لا يدومون طويلا، فقيدي النائم بأحضان قبره لا زلت هنا بذاكرتي، ولن يستطيع الزمان حذف تلك الذكرى، سأظل أذكرك ما دام هنا قلب ينبض، وعقل يذكر، وذاكرة تعمل.
نم قرير العين واهنأ في مرقدك وسأرسل لك
نهراً لا ينضب من الدعوات، فهل لشخص مثلك أن يُنسى!!
هل لشخص مثلك يستحيل أن يولد منه نسخة أخرى، ويستحيل أن يأتي الزمان بمثله أن يكون له بديل!!
لا زلت أذكر آخر مكالمة بيننا كانت قبل رحيلك بأيام، ما زال صدى صوتك يتردد على مسمعي وأنت تقول: (آمري ياعين عمها)، وقد نمت تلك الليلة
وأنا سعيدة بمكالمتك ولم تكتمل فرحتي لأنني استيقظت على فاجعة رحيلك، وكان من أبشع أيام حياتي
أن أستيقظ على هكذا خبر.
أنت رحلت وتركتني وبرحيلك خلّفت حزنًا ووجعًا لا يقاس بأي وجع، وغصةً وبكاءً وألمًا لا يمكن زواله يتكرر عليّ بكل مرة أسمع فيها خبر وفاة،
فقيدي أصبح عمري ذابل دونك، وماتت بعيني عدة أشياء كان أولها الدنيا، وأيقنتُ أن النِّعم لا تدوم لذلك رحلت يانعمتي، سامحني إن آذيتك بدموعي فأنا لا أستطيع حبسها وإيقافها عند سماعهم يتحدثون عنك،
أو عندما أرى تلك الهدايا والعطور التي جلبتها ووصلت ولكنك لم تصل معها
نعم لقد أحضروها لي فازداد ألم قلبي
حقاً مايُقال:
موجعة جداً ترى بعض الهدايا
لا هداك إنسان غادر عن حياتك
والعطر بالذات قاتل والحكاية
كل مارشيت فاحت ذكرياتك.
آه كم هو حقير ذلك الشوق، وكم هو مؤلم ذلك الفراق البشع، نعم إنه الفراق الحقيقي هو فراق الأموات.
فقيدي أنا لا أبكيك اعتراضًا، فذلك قدر الله وماشاء فعل،
ولكن أبكيك شوقًا وهل هناك شوق أشد ألمًا من الشوق لشخص لن يعود!!
أشتاقك جداً أشتاق صوتك ضحكاتك وحديثك.
يقال إن بعض الرحيل حزن وبعض الحزن فاجعة وبعض الفاجعة ذهول ولكن رحيلك جمع الثلاث فكان حزنًا وفاجعةً وذهولا
ولا نقول إلا مايرضي ربنا :(إنا لله وإنا إليه راجعون ) .
يجب أن أختم حديثي وإلا إن انطلقت فلن ينتهي حديثي عنك
وكيف لي أن توقف عن الكتابة وأنا أكتب عن تلك الروح الملائكية الطاهرة كيف لي أن أختم مابدأت
وأنت من لايستطيع قلمي التوقف عن الكتابة عنه.
سامحني مجدداً إن آلمتك
بدموعي فقد نزفت عيناي ولم أستطع إيقافها في كل سطر بل في كل حرف وأنا أكتبه؛ لأتوقف وأستجمع قواي ثم أعود مجدداً بعدها لأكمل مابدأته
وأرثيك به وأعلم أنك أكبر من الرثاء.
رحمك الله بقدر ما آلمني رحيلك.
اللهم اجعل قبره نورًا وضياءً، واسق قبره برحمتك وعفوك وغفرانك، واجمعني به في جنتك.
كتبته بكل ألم في رثاء شخص لن يكرره الزمن وليس رغبة في استعطاف وشفقة أي شخص.