
على الرغم من التطور والتكنولوجيا التي نعيش بها من وسائل، وبرامج، وأجهزة، أصبح هذا العصر من أفضل العصور واسهل مماكان عليه آباؤنا وأجدادنا، من قساوة الحياة في القرن الماضي .
إلا أن البعض لم يرى هذا التطور يتسلل إلى أعماق وجدانهم ،يفتقدون شيئًا ويأخذهم الحنين إليه ، كلما طال الحديث بينهم في المجالس يفتقدون زمن الطيبة ، وروح البسطاء الذي يتسم بصفاء القلوب، والمحبة والعطاء .
البساطة التي يقومون بواجباتهم مع الجميع على قدر طاقتهم المبذولة ، يتعاملون مع الحياة دون أي تعقيد أو أي تدخلات من البشر ، بعيدون عن أي تكلفة، وعن الحياة التي تتطلب الماديات التي أصبحت في هذا الزمن من الأولويات التي ضيقت عليهم معيشتهم ، يريدون التخلي عن التواصل الإلكتروني الذي غزاهم،
يبحث كل منهم عن الأرواح البسيطة التي تربت ونشأت في الحارات والأزقة القديمة ، بين الأجداد وحنية أحضانهم ودفء الأيدي ، ولعب الأطفال وركضهم في شوارعها ، ورؤية الباعة المتجولين في كل زاوية ، وجلسة كبار الأعيان في المركاز ، روح يملؤها الخوف على الأحبة ، يسأل الجار عن جاره أولا ً، ويتفقد الأخ أخاه مهما كان انشغالهم ،كانت النفوس عظيمة متواضعة خاليةً من الكبر والأنانية والحسد الذي نعيشهُ في هذا الأيام ، أصبح المال والجاه والتعالي هو الأولى،
لم يعد في الحياة أي مذاق للحلاوة بعد الابتعاد عن البساطة والنفوس التي كانت تحمل كل ماهو جميل .
الناس في الحقيقية تُريد عودة الحياة البسيطة والأرواح المليئة بالعفوية ، يريدون طرق تلك الأبواب المغلقة ، والتخفيف من غزو التواصل الاجتماعي الإلكتروني الذي بات يلازمهم طول اليوم ،
رغبةً منهم بالدخول من الأبواب دون أي موعد سابق ، في السابق كانت الجارة تطرق الباب على جارتها وهي تقوم بأعمال المنزل أو تطبخ وتقوم بمساعدتها ، وتحصل على المقسوم من طبخها ، كانت زيارتها دون موعد دون أي تكلفة كانت الأبواب مفتوحه للغريب قبل القريب من غير خوف، وكان العم أو الخال يزور الأخت أو الأخ في أي وقتً وكان لاحرج في ذلك ،بقلب يملؤه الحب والترحيب وسعة الصدر من الصغير قبل الكبير ، والآن أصبحت الزيارة بعد أخذ الأذن وتحديد موعد سابق بأيام وأسابيع .
من عاش في ذلك الزمن الذي يخلو من التكنولوجيا التي باتت وسيلة للعزلة اليوم هو من يرى هذا التقدم والتطور صعب التواصل فيه، يصفة البعض بالتقيد، وغياب صفاء النفس.
أحيانًا كل مايتمناه الفرد أن يضع أجمل اللحظات التي مر بها في إطار ويتأملها دومًا أو إلى الأبد .
وإذا أردنا أن نشاهد روح البسطاء في هذا الزمن علينا أن نتخلى عن السلبية في كل تطور يقودنا إلى التقدم؛ لأنه لن يعود ولن نعود نحن إلى ذلك الزمن مهما كان، فعلينا أن نستمتع بما لدينا من تطور يسهل لنا صعوبات الحياة..
قلم : افراح مبارك