حقائِب رحيلْ أُنثَي ..

بقلم : فاطمة عُثمان
ذلِك اليوم الذي ظننت أني سأبقى مرتبطةً بدوامة لا خُلاصة لي مِنها،في مُنتصف صباح ذلك الَيومْ الخالِد بِذاَكِرتي الذي كُنت فيه تِلك الفتاة المُدللة،التي إذا إبتسَّمت بانت معالِم براءتها بين بريق عينيها،وإنتصف جمالِها اليوسفي في أوسطِ وجنتيها.
في ذلك اليوم الذي ظننت أني سأبقى هكذا دوماً بين طَيات أنُوثَتي.
جاء خبر رحيل أبي لربٍ أحب إِليه مني.
تساقطت أمطار سماء أُمي.
إهتز عرش قلب إخوتي.
وأنا مابين تلقي الصدمات والضربات أحتمِل.
ولم ينته ذلك الإرتطام حتى كَتب الله إبتعاد أُمي وأُمتي ومأمنّي
أخذوها لأرضٍ غير أرض تطأ قدماي عليها.
لسماء لا تتساقط منها ماء سمائي.
وفي لحظة أغمضتُ عيني وإستودعت الله ودائعي.
في ذلك اليوم إنخلع خوفي وفيه لملمت متاع رحيلي المؤبد من عالمِ الغنج المترف،إلى عالم قلت فيه فرص دلالي.
خبأت جميع ذكرياتي داخل حقائِب رحيلي.
ألقيت غنجي في قاع البحار بين عتمة إحدى الليالي.
أخذت ما تبقى من ذاتي إلى كوكبٍ آخر لا يشمل شيئاً مما إعتدت عليه.
عالم تحولت فيه من طِفلة مُدللة إلى أنثى بالغة.
وأُعيد تدويري من إمرأة ذات قوامٍ إلى مسنة ذات عكاز.
أصبحتُ أتمرج بين قوةٍ وقسوة ،وبين غمضة عين تلاشت طفولتي.
رحلت بأمتعةٍ تحمل هِندام العزم والإرادة، تحملت مسؤلية رعيتي.
إقتحمت عالماً لو سمح له لأضعفني،لو كان بيدهِ لسقطت سقوطاً لن أقوى من بعده الوقوف.
ولكن!!!
دخلتُ عالماً كان ملجئِي الوحيد،وبين ليلة وضحاها أصبحت لعالمي ملجأ.
إحتويت صِغاري، تقاسمت الرغيف، وإرتشفنا بذات الكوبِ معاً.
إستعدت ضحكاتنا و تكاتُف أيدِينا.
في حين أن الحياة أجبرتني على الرحيل لا إرادياً،في زاويةٍ ما خبأ الله لي قوةً تهدم ضعف الحياة لي والحمدلله على ذلك.
****
حين ترغم على الرحيل من مكانك المعتاد عليه إياك أن تقبل الرحيل بأمتعة الضَعف والخُذلان.
إستجمع نفسك واقتحم مكانا آخر تكون فيه اليوم لاجِئاً وغداً بقوتك وإصرارك على الصمود يُصبح هو من سيلجأ إليك.
وقبل كل شيء أينما وطأت قدماك أثبِت وجودك ضع بصمةً من عبقِ خير رحيقك ثم إمض في ودائِع الله .