بدرية القحطاني تكتب: متلازمة الفقد

بقلم: بدرية القحطاني
تخيل أنك بدأت برسم لوحتك التي تشبهك ووضعت جميع الألوان التي تريدها بجانبك وافتقدت للون الأزرق الذي قد لاتحتاجه مطلقًا لإكمال لوحتك ، لكن رغم هذا ستنصرف بك مخيلتك للون الوحيد المفقود ولن تنجز عملك .
مانفقده دائمًا هو مانبحث عنه وبالضبط هو ماتسقط عليه أعيننا تمامًا ، الرجل الذي يريد الارتباط لايعرف سوى الرجال المرتبطين حتى يشعره هذا الأمر أنه الوحيد الذي لايشعر بالاستقرار بعد .
المرأة التي لم تنجب لاتصادف إلا النساء الحوامل وبالأصح لايلفت انتباهها إلا هن فهي تنجذب لما تفتقد ، الشخص ذو الشعر الأجعد هو بالطبع لا يُحاط إلا بالأشخاص ذوي الشعر الأملس .
وبالتالي فإن طبيعة البشرية تركز دائما على ماينقصها في الحياة، وهذه المتلازمة تُشكل عائقا كبيرًا لبلوغ السعادة ، بل قد تجعل السعادة أمرًا مستحيل الحدوث ، رغم أن الكل لديه شعور الفقد في شيء ما، بذلك نحن نسعى خلف المفقود ونترك الموجود .
اجلس مع نفسك جلسة صادقة وحدّث نفسك بلا انقطاع، ستدرك تمامًا أن ماتفقده قد تحصل عليه بوجه آخر ، أو ربما لديك الأفضل منه أضعاف المرات ، ولو تدبرنا في الأمر نعم نحن نفتقد بعض الشيء لا كله ، فقليل يبعث لك الهناء أفضل من كثير يجلب لك العناء .
ما تملكه جُل ما تفتقده ، والسعادة مربوطة بما لديك لابغيرك ، اشغل نفسك بما تملكه فقط لأنه لا فائدة من الركض خلف شيء ليس بيدك ، وليس من الطبيعي أن تكن بوضع المراقبة دائمًا مصابًا بمتلازمة الفقد ، لابد لك أن تضيء نفسك بنفسك رغم عتمة الحياة .