بدرية القحطاني تكتب: خاطَرَ من استغنى بنفسه

بقلم: بدرية القحطاني
تألم شاب من أحد أسنانه، فحاول أن يتماسك كثيرًا، ويتحمل الوجع، لكنه لم يستطع أبدًا، فقرر الذهاب إلى الطبيب باكرًا، وبعد الفحص أخبر الطبيب المريض بأن هناك بعض المشاكل في أسنانه لا يمكن تجاهلها، وأن أحد أضراسه يحتاج لعلاج فوري، لكن الشاب أصر على خلع ضرسه الذي يؤلمه، ولم يستمع لمشورة الطبيب، فكان له ذلك.
الاستغناء عن الأشخاص الذين يسببون لنا الوجع أمر من الطبيعي جدًا التفكير فيخه، لكن هل سيكون هذا هو الحال دائمًا؟ لا ترتبط بسيناريو الخطأ الأول هو الأخير، لأنك ستكتشف لاحقًا أنك وحدك. وتكرار التنازل عن الناس قد يجعل منك شخصًا منعزلًا، وربما منبوذًل، من السهل عليك التخلص من الكل في لحظة، وهنا تكمن المشكلة.
الخطأ موجود منك وإليك، التدقيق فيه مأساة بل إجرام في حق ذاتك، وأيضًا البرود والتجاهل والتعاظم على الإساءة مدعاة للاصطدام الذاتي أولًا ومن ثم مع الناس، فالاعتدال أمر مطلوب، والخطأ وارد، والاعتذار شيمة من شيم العظماء، فكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.
التوبة من الذنب. التوبة من التطفل على شؤون الآخرين. التوبة من جرح مشاعرهم واستنزاف طاقتهم بالسوء. والابتعاد عن الناس موحش، وقد خاطر من استغنى بنفسه. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المُؤمِنُ الَّذي يُخالِطُ النَّاسَ ويصبِرُ على أذاهم أفضَلُ مِن المُؤمِنِ الَّذي لا يُخالِطُ النَّاسَ ولا يصبِرُ على أذاهم”.
كن متصالحًا مع ذاتك ومع الجميع. اجعل من قيمتك العظيمة التي بداخلك موردًا يشرب منه عطشى النُبل. اجعل صدقتك لا تقف على فقراء الأدب، فاختلافك عن الجميع أدبًا وعلمًا وشكلًا يجعل منك شخصًا مميزًا، واعلم أن خطيئتك الأولى هي طوق نجاتك وتفردك . وتذكر دائمًا “من كان منكم بلا خطيئة فليرمِها بحجر”.