مساحة حرةمقالات

الأرض والإنسان

 

بقلم 🖋: وصايف القحطاني

 

“الوطن هو رغيف الخبز والسقف والشعور بالانتماء والدفء والإحساس بالكرامة ”
على هذا السياق المليء بالشاعرية يُرْهِف غازي القصيبي جوارحه لنا بتعريف الوطن الذي يتمثل بـالمتنعم بخيرات محاصيله، المتوسد بسكينة أرضه نائماً ملء جفنيه أماناً، ينشئ فيه مكفولاً بحقوقه كإنسان.

كما صوّر أحمد شوقي نزاع نفسه إلى فكرة خلودها في الوطن” وطني لو شُغِلْت بالخلد عنه نازعتني إليه في الخلد نفسي “… فصراع النفس إلى كنفها جدالاً محسوماً يقتضي به الإنسان مسيراً غير مخير وكأن النفس جُبلت إلى أواصر هذه الجذور الممتدة وإن امتدت المسافات البعيدة.

أما عن تساؤلات محمد درويش الذي كان مهموماً بقضية وطنه، ف حسم تعريف الوطن قائلاً:” ما هو الوطن؟ ليس سؤالاً تجيب عليه وتمضي إنه حياتك وقضيتك معاً. ”
فهو في عين الأديب الراحل هَمًّا تَجَلَّد الإنسان ثِقله ليعيش الحق في أرضه، فهي لا تحملهُ على الدوام فربما يتكلّف بحملها وتشكيل وعياً صادحاً بقضية هذه الأرض سياسيةً كانت اجتماعية أم اقتصادية.

أما بلغة الأسى والحسرة التي نالت من شخصية” سعيد في “عائد إلى حيفا”؛ لزوجته صفيه قائلاً
“أتعرفين ما هو الوطن يا صفية؟
الوطن ألا يحدث ذلك كله”
فالفقد لغةٌ مؤلمة تُهشم سواعد هذا الإنسان الشاهد على ألم وطنه، فيقبع هذا الشعور يتصدع في نفسه لا يشفى منه ولا يغادره على الإطلاق.

اختلفت أعين الأدباء للتغني بأوطانهم وأجمعوا أن الوطن منهل الإنسانية وأمان الخائفين والحضن الكبير للعائدين. وأردِف على أهازيجهم موال اعتزازي بوطنٍ ليس له نظير، إن كانت البيداء مطلع حديثي ف ضرب اَلْبَدَوِيّ للهاون هو الصوت وانبعاث رائحة القهوة هي الصورة التي تزينها الربابة حيث حفاوة الكرم اللامشروط.
سيضل الوطن لوعةً في وجدان المغترب وعِزةً للشامخين في ظِلّه؛ كل شيء يبدأ منه ويعود إليه.
إن العلاقة أشبه بآصرةِ المُحِبّ لمحبوبه واقتران الرضيع بأمه. مُجَوَّفَة بالشجن والحنين ومغلفة بالحميّةِ والآنفة.
إنّ هوية العربي الأصيل الكائنة في شبه الجزيرة العربية قائمةٌ بتاريخٍ بطولي وتراثٍ متأصل بالخصال السامية الرفيعة، فأرضاً حُرّة لم ولن تعرف غير الازدهار الذي لم يغزُه أي ثقافةٍ أخرى، إنني أرى سيرة مواطنتي الوطيدة في علو جبالها المتجذرة بعروبتها وامتداد سهولها الدافئة، إنني أنصهر في كل لهجةٍ… في كل لونٍ… في كل شعبياتها الفنية البديعة في كل اتجاه أجدني وليدة الاختلافات رغم أننا جميعاً واحد؛ أشعر أني امتلكت حظاً عظيما محفوفاً بدعواتٍ وافرة و مُخلصه أن لا تطول يدٌ بغضاء ولا عيناً حاسدة وأن لا تميل راية الرفعة..
أنني دوماً أمضي بثياب الفخر أتغنى مُتَحَيِّرَة “وطني الحبيب وهل أُحِبّ سواه”؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى