أمينة الهوسة تكتب: للأبواب رسائل

بقلم: أمينة الهوسة
كل باب يضيء لك جانبًا أو يضع نهايةً لأمور مختلفة، خاتمة قصة مبهجة، دفعة إيجابية، أو شطر حزين، وربما عبارة مُلهمة، أو حتى ذكرى عابرة، ولكل باب مفتاح أنت تملكه، وتحدد غايتك ومصيرك.
الأول باب النسيم، الهادئ ورجاحة العقل. كُن حكيمًا بقناعاتك فإيمانك بأن الحياة سرور مهما واجهت وأنه بمقدورك التغلب على هذا الحمل الذي كسر أضلعك، سترفع به قريبًا راية النصر خضراءً شامخةً ما دُمت تسعى.
باب البهجة، اغمر قلبك بالمسرة، فأنت المتفائل كما عهدك ذاك المميز لديك، انفض غبار الصيف، وافتح نوافذ الربيع، اسمح لفراشة رقيقة كروحك أن تدخل دارك وتستكن على راحة يدك.
هذا كأنه باب المدرسة، تذكر معي عهدك القديم، وجرس الحِصة الثانية يُقرع، والناظر بنظارته يتفقد الفصول، عش كبساطة ذلك العهد لا تُحمل نفسك فوق سوء العصر حملين، بابتسامتك هذه قد تشرح صدرًا وتروي ظمآنًا.
البُني يشبه باب منزل جدتي وجدك، فيه الكثير من قصص طفولتنا وأحلامنا وصرخاتنا. استرجع الذكريات، واعلم أن الحياة محطات، وأنت في هذه المحطة، سيأتي من يذكرك ذات يوم، ويكتبك، ويحنُ إليك كما افعل أنا الآن، فكن طيب الأثر مُحسنًا وصادقًا ومُحبًا للغير.
الخامس يذكرني بقصص الأبطال والملهمون يعطي إيحاءًا بالأمل وأن نهاية العتمة ضياء، والسكينة بعد الاضطراب، والانتصار والابتهاج والوصول بعد التعب، يشعرك بأن كل ما فات من هزائم كان مقدمة وتشويق للبداية الباهرة.
الباب السادس يضج بالعراقة، كل ما سطَّره التاريخ تراه به، ومن خلاله تعبر إلى عالمك وتاريخك وماضيك، لا حياة لمن لا تاريخ له ولا ذكرى. أرِّخ لحظاتك بحلوها ومرها وذكرياتك، واجعل من بعدك يتذكرونك، ولا تنسى الأبواب التسعة.
سابعًا هذا الباب شاخ من الكبرياء. متغطرس نوعًا ما. شامخ حد الفيضان كشخص كان من أسياد قومه، فلما بلغ من الكبر عتيًا انطفأ بريقه كالحكمة التي تقول: “إيَّاك والرضا عن نفسك فإنه يضطرك إلى الخمول، وإيَّاك والعجب فإنه يورطك في الحمق، وإيَّاك والغرور فإنه يظهر للناس نقائصك كلها ولا يخفيها” فاحذر الكبر.
أما الأحمر باب يحلق بك إلى مَواطن الفرح والاستمتاع وتحفيز الخيال والإبداع، وكأنه منزل شخص مجنون بأفكاره مزدهر بتطلعاته شقيّ مُغامر متحدي لا يأس في حياته ولا استسلام. رسالة هذا كُن مُناضلًا، ودع عنك الخمول وانهض، حارب لتنتصر بشرف.
العظمة والفخامة أخيرًا والطابع الكلاسيكي به يوحي لك بأن تكون حذِقًا في كل أمورك، متميزًا ومُلفتًا بفرحك وحتى في حزنك، لا تكون تابعًا مُقتبسًا، اجعل لك كيانك الخاص، وتفرَّد بكل شيء، خاصةً ما خطر في بالك الآن، كن أنت لا هُم واختتمها بحكمة وتبريز.