حوارات صحفية

حوار الدكتور حسام بدراوي لجريدة الوطن

د.حسام بدراوي يقول : عودة الإخوان شبه مستحيلة.. و«30 يونيو» نموذج في الرفض المتحضر للحكم تحت ستار الدين

من حوار الدكتور حسام بدراوي لجريدة «الوطن» يوم

الأربعاء 28 يونيو 2023

أكد الدكتور حسام بدراوى، المفكر السياسى، مستشار الحوار الوطنى لاستراتيجية مصر 2030، أن «30 يونيو» كانت وجهاً حضارياً للشعب المصرى لرفض الحكم تحت عباءة الدين وأن عودة الإخوان للحكم مستحيلة. وقال «بدراوى»، فى حوار لـ«الوطن»، إن جماعة الإخوان ارتكبت أخطاء كارثية خلال فترة حكمهما أولها اتباع سياسة الرأى الواحد فى كافة قراراتهم وعدم الإنصات لأى صوت آخر حتى وإن كان هو الصواب، إضافة إلى سعيهم الدائم لأخونة الدولة لتقع جميع مؤسساتها تحت قبضتهم ليحلو لهم تنفيذ مخططاتهم على هواهم دون قيود.

بدراوى: أحادية الفكر والغباء الإداري سبب السقوط المروع للتنظيم الإرهابي بعد عام من تسلمه السلطة

وأضاف أن أحادية الفكر والغباء الإدارى هما سبب السقوط المروِّع للجماعة فى حكم مصر بعد عام واحد فقط من تسلمها السلطة، مشيراً إلى أن الحوار الوطنى سياسى وليس بديلاً للحكومة أو البرلمان وأن «30 يونيو» أول ثورة مصرية محددة الموعد، وأن الجماعة لم تعرض عليه مشاركتهم فى الحكم وأنه رفض عروضاً من وسطاء. وأوضح أن اللامركزية فى نظام الحكم المحلى تكليف دستورى واجب النفاذ يعطى الفرصة للقيادة التنفيذية داخل كل محافظة بالاستقلال فى صنع القرار

، مؤكداً أن الأحزاب عانت كثيراً طيلة فترة حكم الجماعة، وأن الإخوان اعتبروا أن جميع الأحزاب التى تعارضهم أو تختلف معهم فى الرأى أعداء، ولم يسمحوا لأحد بمشاركتهم فى صنع القرار. وأشار إلى أن اعتبار الجماعة «30 يونيو» مؤامرة عليهم يُعتبر رسالة غباء منهم يستحقون الشكر عليها لأنهم وحّدوا الجيش والشعب والشرطة والقضاء والصحافة ضد أطماعهم، معرباً عن تأييده لفكرة انتخاب المحافظين، لكن بعد فترة زمنية تسمح ببناء نظام اللامركزية وتدريب المواطنين على الاختيار لضمان النجاح وتجنب الأخطاء.. وإلى نص الحوار:

كيف سقطت الجماعة بعد عامها الأسود؟

– وفقاً للدراسات السياسية التى أُجريت خلال السنوات الماضية فإن سقوط جماعة الإخوان بعد عام من التربع على السلطة يرجع لعدة أسباب، أولها أحادية الفكر فى الحكم، حيث أقدمت الجماعة، بمجرد وصولها لكرسى الحكم، على استثناء كافة فصائل المجتمع من المشاركة فى الحكم أو حتى الاستماع إلى آرائهم، واقتصروا على آراء الجماعة فقط دون النظر إلى أى آراء أخرى حتى لو كانت تخدم المجتمع وتحقق آماله وطموحاته.

السبب الثانى تمثل فى غباء الجماعة فى إدارة الدولة، حيث قامت الجماعة طوال فترة حكمها بتسكين أعضائها فى مناصب قيادية فى الدولة دون النظر إلى مؤهلاتهم العلمية أو مدى خبراتهم بالملفات المعنيين بإدارتها وإقصاء كافة الخبراء المؤهلين لتولى ذات المناصب لأنهم ليسوا من أعضاء الجماعة أو غير مؤمنين بأفكارها الهدامة

«30 يونيو» أول ثورة مصرية محددة الموعد

وتُعد ثورة الثلاثين من يونيو أول ثورة مصرية محددة الموعد، حيث إنه لم يحدث خلال التاريخ المصرى الحديث أى ثورة يحدد لها موعد، فشاهدنا بأعيننا قبيل الثورة بعدة شهور جموع الشعب تراهن على رحيل الجماعة فى الثلاثين من يونيو إيماناً ويقيناً منهم بنجاح الثورة فى إحداث التغيير وتوجيه شراع سفينة الوطن نحو الطريق الذى يحقق أهدافه المرجوة.

ما أبرز الأخطاء التى ارتكبتها الجماعة خلال فترة حكمها؟

– جماعة الإخوان خلال فترة حكمها عمدت إلى إقصاء جميع القوى الوطنية من المشهد السياسى ومحاربة من يختلف معهم فى الرأى أو القرار السياسى أياً كان نوعه وتداعياته،

– وأنا مثال، حيث أذكر أن الجماعة وضعت مادة فى «دستورهم» تقلص الأنشطة السياسية لبعض الشخصيات العامة ولم تنطبق بنود تلك المادة إلا على شخصى وعلى شيخ الأزهر باعتبارى عدواً لهم على رغم أنهم فى برلمان 2005 كانوا يلجأون لى لنصرهم عندما كانوا يشعرون باضطهاد النظام لهم آنذاك، إضافة إلى محاولتهم أخونة الدولة دون أى مشاركة للقوى الوطنية فى تشكيل الوزارات أو حركة المحافظين، حيث إن عملية الأخونة كانت ترتكز على السيطرة على جميع مفاصل الحكم بداية من رئيس الدولة والبرلمان والمحافظين ورؤساء الوحدات المحلية، هذه الأمور شكلت حالة من عدم الرضا فى نفوس الكثير من أبناء الشعب المصرى الذى انتفض فى وجه الجماعة يوم 30 يونيو. ويضاف إلى ذلك خطأهم الأكبر وهو محاولتهم المستمرة لطمس الهوية المصرية الراسخة فى نفوس المصريين بطبيعة فطرية منذ آلاف السنوات من خلال أفكارهم التى كانوا يبثونها فى كافة وسائل الإعلام الخاصة بهم وبين الموطنين فى الشوارع، وهو الأمر الذى أرهب الكثير من المصريين وأشعرهم بالخوف على مستقبل بلدهم، وكل هذه العوامل ساهمت فى اندلاع حركة الشعب المتحضرة ضدهم.

أثيرت أقاويل بأن جماعة الإخوان عرضت عليك المشاركة فى الحكم قبل انفجار الثورة.. ما صحة ذلك؟

– الجماعة لم تعرض علىّ المشاركة ودخولى الحكومة معهم بشكل مباشر، لكن تم ذلك من خلال الوساطة، حيث عرضت علىّ إحدى الجهات الأجنبية الداعمة لهم المشاركة مع الجماعة فى حكمهم كنوع من أنواع محاولات إنقاذهم قبل 30 يونيو، لكنى رفضت العرض بشكل قاطع فور عرضه واخترت بأن أنحاز لمطالب الشعب الحقيقية، وهى التغيير ودعم حركة الشعب.

ما أغرب موقف حدث معك من الجماعة؟

– منذ وصول الجماعة لسدة الحكم كنت أتوقع منهم تطبيق أفكارهم السياسية المعلنة تدريجياً، لكن ما لم أتوقعه منهم اللهفة والسرعة فى ذلك، وهو ما كشفهم أمام المواطنين، كذلك لم أتوقع طريقة تعاملهم معى، خاصة أن البعض منهم كانت تربطنى علاقة طيبة به قبل فترة 2011 وكان يلجأ إلىّ عندما يشعرون باضطهاد النظام لهم آنذاك.

كيف كانت الحياة الحزبية فى عهد الإخوان؟

– الأحزاب عانت كثيراً طيلة فترة حكم الجماعة، كما هى تعانى الآن، حيث كانت الجماعة تعتبر أن جميع الأحزاب التى تعارضهم أو تختلف معهم فى الرأى أحزاب عدائية لهم ولم تسمح لأى أحد بمشاركتهم فى صنع القرار.

وكيف تابعت خطاب مرسى الأخير؟

– تابعت الخطاب الكارثى بشعور قلق للغاية، حيث تحولت جماعة الإخوان من مرض مزمن يمكن معالجته إلى مرض خبيث وجب استئصاله، وظهر ذلك فى كلمات مرسى التى كان فيها تخيير للشعب بين بقائه فى الحكم أو سفك دمائهم، وحذرت من ذلك حينها وقلت إن الأمر أصبح يحتاج إلى مستشفى أمراض عقلية، حيث ظهرت رؤية الجماعة البعيدة للغاية عن طبيعة الشعب المصرى

جماعة الإخوان كانت دائماً تدّعى أن «30 يونيو» مؤامرة.. ما ردك على ذلك؟

– المؤامرة تعنى السرية فى الإعداد و٣٠ يونيو كانت واضحة كدعوة معلنة للتخلص من الحكم السياسى تحت عباءة دينية، واعتبار الجماعة أن 30 يونيو مؤامرة يُعتبر رسالة غباء منهم يستحقون الشكر عليها، كونهم استطاعوا أن يوحدوا الجيش والشعب والشرطة والقضاء والصحافة عبر كلماتهم وتصرفاتهم ، فثورة 30 يونيو أثبتت للعالم بأكمله أن الشعب المصرى أكبر بكثير من مؤامرات الجماعة ومؤامرات وترتيبات أجهزة الدول الأجنبية ودول أجنبية بعينها التى ظلت مساندة لهم طيلة فترة حكمهم.

هل من الممكن أن تعود الجماعة للحكم فى المستقبل؟

– عودة الجماعة للحكم فى المستقبل أمر صعب جداً لأن الجماعة خلال فترة حكمها فقدت رصيدها الشعبى فى الشارع، لا سيما عملياتهم الإرهابية التى قاموا بتنفيذها ضد الجيش والشرطة، والتى استمرت لعدة سنوات عقب سقوطهم فى الثلاثين من يونيو، ما أثر فى نفوس المصريين بشكل كبير، كما أن الجماعة طيلة فترة حكمها لم تعرف سوى أسلوب الإرهاب والتخويف فى التعامل مع المواطنين، الأمر الذى استاء منه الكثيرون خلال فترة حكمهم.

ذكرت أن الهوية المصرية كانت تتعرض للضياع.. كيف نستطع حمايتها؟

– الهوية المصرية متأصلة بطابع فطرى داخل نفوس المصريين ولا يمكن ضياعها فى سنة أو سنتين أو عشر سنوات، نظراً لأن المواطنين المصريين يعلمون جيداً ماضيهم وحاضرهم، سواء كان سياسياً أو ثقافياً أو اجتماعياً، بمختلف فئاتهم العمرية. لكن هناك عدة مقومات يجب تعزيزها للتأكيد على تعزيز الهوية، ألا وهى التعددية الثقافية والدينية واحترام المرأة والتأكيد على المواطنة بغضِّ النظر عن اختلافنا فى الجنس أو الدين، وعلينا الاهتمام بالتربية الوطنية وشرحها بمفهوم شامل دون استثناء، من خلال تعريف الجمهور بتاريخ مصر القديم الذى يغلب فيه دورة المرأة المصرية فى الحكم إدارة حياة الأسرة، بل كان هناك حكام سيدات لمصر أثبتن جدارتهن فى الحكم وفى بناء الحضارة المصرية القديمة التى يتحاكى بها العالم، إضافة إلى دورها فى الثورات وتغيير نظام الحكم وصنع المستقبل، حيث كانت المرأة المصرية متصدرة المشهد بشكل كبير فى ثورة 1919 وثورة 30 يونيو وغيرت من المسار السياسى والديمقراطى المصرى، أما إذا تحدثنا عن دورها الأسرى فالمرأة المصرية هى العمود الفقرى لمعظم الأسر، بدليل وجود أكثر من 60% من أسر الشعب المصر تعولها سيدات وربات بيوت.

وتعزيز الهوية يتطلب تكاتف كافة الوزارات المعنية بالدولة، مثل وزارات الثقافة والتربية والتعليم والتعليم العالى والصحة، لوضع خطة استراتيجية تتمثل فى إنتاج برامج وأفلام ومسلسلات من شأنها شرح ماضى مصر وإمكانات مستقبلها بشكل مفصل للأجيال الحالية دون أى نقصان أو إقصاء فى المضمون.

ناقشت جلسات الحوار الوطنى الماضية مسألة سفر الأطباء المتكرر للخارج.. بصفتك طبيباً كيف ترى هذه المشكلة؟

– لقد لمست موضوعاً فرعياً ليس من اختصاص الحوار الوطنى ولكنه مهم، وكنت أتصور أن يكون الحوار هو ماذا نفعل كإدارة مجتمع فى خلق مناخ إيجابى يحفز شبابنا بدلاً من سفرهم إلى خارج مصر طلباً للرزق أو للمكانة العلمية، أطباء كانوا أو مهندسين أو رواد أعمال، هنا يصبح حواراً وطنياً.

ورداً على سؤالك، فبشكل عام الأطباء لا يسافرون لخارج البلاد سوى لسببين فقط، إما الحصول على درجات علمية ومؤهلات عالية، أو بحثاً عن راتب أفضل. ويمكن معالجة كلتا المشكلتين بتحفيز بيئة العمل للأطباء من خلال منحهم رواتب ومزايا مادية تساعدهم فى التعايش مع متطلبات الحياة وتقلل من فكرة سفرهم للخارج.

اللامركزية فى نظام الحكم المحلى تكليف دستورى واجب النفاذ يعطى الفرصة للقيادة التنفيذية داخل كل محافظة بالاستقلال فى صنع القرار

ما رأيك فى المطالبة باللامركزية فى نظام الحكم المحلى؟

– اللامركزية فى نظام الحكم المحلى هى تكليف دستورى واجب النفاذ يعطى الفرصة للقيادة التنفيذية داخل كل محافظة بالاستقلال فى صنع القرار بذاتها، وهى من شأنها أن تجعل كل جهة حكومية تحل مشكلاتها دون التقيد أو الرجوع لمرؤوسيها، كونها الأقرب إلى مجتمعها المحلي، ولكن بما يتضمن عدم مخالفة القانون، وذلك بمساعدة ومساندة المجلس الشعبى المحلى الذى يلعب دوراً مهماً بذات الصدد.

ما وجهة نظرك تجاه قانون المحليات؟

– آمل أن يخرج قانون للمحليات يوسع آفاق الاتصال بين المجالس الشعبية المحلية والمحافظ، السلطة التنفيذية، لتكون جميع قرارات المجلس والتوصيات التى تخرج من جلساته فى اتجاه حلول مشكلات المجتمع. علاقة المجالس المحلية بالمحافظ والسلطة التنفيذية اللامركزية مشابهة لعلاقة مجلس النواب بالحكومة المركزية فى اقتراح التشريع والمراقبة على الأداء ومساءلة المحافظ الذى يمثل السلطة التنفيذية.

ما رأيك فى المقترحات التى تطالب بأن يكون المحافظ بالانتخاب؟

– أؤيد فكرة أن يكون اختيار المحافظ بنظام الانتخاب، لكن بعد فترة زمنية تسمح ببناء نظام اللامركزية وتدريب المواطنين على الاختيار، والموضوع أخذ فى فرنسا مثلاً عشرين عاماً، المسألة ليست فى قانون أو قرار، ولكن فى إعداد المناخ الذى يتيح لنظام جديد النجاح وتجنب الأخطاء التى وقعنا فيها من قبل.

– المحافظ المنتخب يدرك تماماً مشكلة المجتمع الذى يعيش فيه وطرق التعامل مع كافة المشكلات التى تواجهه، الأمر الذى سيسهم بشكل كبير فى حل المشكلات القروية والمدنية بصورة إيجابية وواضحة ولكن الأمر يحتاج الي اعداد وتدريب .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى